فى العالم العربي وفى الوقت الحالي تحديدا نشهد الكثير من المبادرات والمشاريع التقنية الناشئة وربما نرى ذلك يتكرر بصورة سريعة وقد نرى أن بعض هذه المشاريع مستمرة وتحقق النجاح المطلوب وتشهد تطويرا مستمرا وبعضها مازال يكافح من أجل البقاء أما الغالبية وحسب وجهة نظري تتوقف عند أول تحدي لها فى عالم الأعمال .
لا توجد خدمات حقيقية :
هناك عدد محدود وشائع من الأسباب التي تؤدي إلى فشل المشاريع التقنية الناشئة وسأذكر هنا بعضا منها مع العلم انه يجب مراعاة أنواع المشاريع التقنية وما تقدمه من خدمات فربما تنطبق هذه الأسباب على مشاريع بعينها وأخرى قد لا تنطبق عليها ولكن تظل هذه الأسباب هي الاكثر شيوعا فى عالم المبادرات التقنية الناشئة ، إن من أهم أحد هذه الأسباب وما أفضل البدء به هوعدم جودة المشروع وأقصد هنا بأن المشروع إما أنه لا يقدم خدمات حقيقية يحتاجها العميل أي أنه مجرد إستعراض للقدرات التقنية من ناحية التصميم والبرمجة وغيرها من الإجراءات التقنية وإما أن يكون المشروع غير مكتمل أو نسخة تحتاج إلى تطوير وتكمن المشكلة هنا أن المشروع يظل كما هو لمدة طويلة جدا دون تطوير وهذا ما يسبب إنزعاج للعميل الذي مازال ينتظر النسخة الجديدة والمكتملة من المشروع وهذا ما تعاني منه الكثير من المشاريع العربية والغريب فى الأمر أن بعض المشاريع مازالت تعمل كنسخة تجريبية لأكثر من سنتين !!
إهمال المشروع :
أما بالنسبة لبعض المشاريع الناجحة من حيث المحتوى فالسبب الثاني هو عكس ما ذكرته تماما ، حيث تقدم بعض المشاريع خدمات حقيقية وفعالة ومع مرور الوقت تكسب العديد من العملاء إلا أن صاحب المشروع قد تخلى عن تطوير مشروعه وعن إهتمامه بالعملاء وذلك نسبة لضيق وقته أو لإنشغاله بأعمال أخرى وهذا أحد أسباب الخسارة الكبيرة حسب وجهة نظري لأنه وبكل بساطة ولو كنت شخصا ممولا أو مستثمرا وداعما للمشاريع التقنية الناشئة كما هو الحال الآن لكثير من المؤسسات لقمت بمراجعة آخر مشاريعك التقنية ومدى فعاليتها والأهم من ذلك أرآء عملائك سواءا كان المشروع يمثل شركة أو مجموعة تقنية أو مهما كان يمثله المشروع فصدقني لن أقوم بتمويلك أبدا إذا كنت تنتهج هذا النهج .
ماذا أعني بالجانب الأخلاقي ؟ أحد الامثلة على الإهتمام بالجانب الأخلاقي تجده فى هذه الصورة من مؤتمر أمازون الأخير
من الآخطاء الشائعة لدى الكثيرين الإعتقاد بأن المشاريع المقدمة عبارة عن مشاريع تمثل أصحابها ويمكن أن يتم إيقافها متى ما شاؤوا دون مراعاة للجانب الأخلاقي فى هذه المسألة وهنا أقول أن كثير من المشاريع التقنية والتطوعية والتي لا تهدف إلى الربح قد إستمرت فقط بسبب إهتمامها بالجانب الاخلاقي في تعالمها مع العملاء حتى عند تعرضها لأزمات مالية كانت من المفترض أن تؤدي إلى إغلاقها قام عملائها بدعمها ماديا ، وهناك الكثير من المشاريع التقنية الناشئة التي تم الإستخواذ عليها من قبل شركات تقنية ضخمة وأخرى ناشئة وقد رغب أصحاب هذه المشاريع فى بيعها لأنهم عجزوا عن تطويرها أو لأنهم لا يملكون الإمكانيات والقدارت لفعل ذلك فوضعوا مشاريعهم في أيدي يمكنها أن ترتقي بالمشاريع التقنية مع علمهم بأن مشاريعهم تساوي أكثر من ما عرض عليهم خاصة لأنها تمثل الكثير في المستقبل إلا أنهم لم يرغبوا فى إحتكار إنجازاتهم وأرادوا لها أن تكبر وتتطور فى عصر التقنية السريع لأنها لم تعد ملكهم بل أصبحت ملك العميل بعد أن قام بإستخدام هذه الخدمة أو ذاك المنتج .
عدم الخبرة فى مجال التسويق :
يروي والتر إيزاكسون في كتابه عن ستيف جوبز أن تكاليف تصميم جهاز أبل 2 تقدر بـ 200,000 دولار وقد بدأ جوبز فى البحث عن التمويل لتصميم الجهاز وقد ألتقى دون فالنتين والذي كان من أبرز المستثمرين والممولين للمشروعات الصغيرة فى وادي السيليكون وعندما حضر فالنتين إلى مرآب جوبز إنزعج من منظر جوبز الذي كان غريب الأطوار ، المهم فى الأمر أن جوبز لسذاجته ظن أنه قادر على تسويق منتجه مكتفيا بعرض منتجه على المتاجر الخاصة واحدا بعد الآخر وهذا ما أزعج فالنتين جدا وقد دفعه ذلك لقول ” إن أردت أن أمولك فستحتاج إلى شريك يعي التسويق والتوزيع جيدا وبإمكانه وضع خطط للعمل ” ، نعم وهذه أيضا إحدى أهم أسباب الفشل للمشاريع التقنية ، أرجوك توقف قليلا عن جنون ريادة الاعمال وتوقف عن المخاطرة وعن تسويق مشروعك بنفسك فأنا أعلم تماما أنك فى أمس الحاجة لكل دولار وسنت تنفقه فى تسويق مشروعك فمن الأفضل أن تنفق أموالك فى حملة إعلانية واحدة ناجحة من أن تنفقها على حملات فاشلة تقوم بها من دون سابق خبرة فى مجال التسويق ومع تقديري للرياديين إلا أن هذا معظم حال الرياديين العرب ( يمكنه فعل كل شيء بنفسه لأنه بدأ بنفسه دون مساعدة أحد !! ) فى مجال التسويق يختلف الأمر وكما قال بروفسير التسويق الدولي فيليب كوتلر ” يمكنك أن تتعلم التسويق في يوم، لكنك ستقضي حياتك كلها كي تتقنه ” ومع ذلك عليك أن لا تلقي بنفسك عند أقرب عرض للتسويق بل يجب أن يكون قرارك مبني على جودة وأداء شركات التسويق وتجارب الآخرين .
فرص تمويل قليلة :
وأخيرا نتحدث عن عدم وجود التمويل والدعم للمشاريع التقنية الناشئة وهو أيضا أحد أسباب فشل هذه المشاريع ، بالنسبة للدعم التقني فستجد الكثير من الحلول والخيارات وهذا الأمر متوفر بشكل كبير بل إن بعض المشاريع التقنية الناشئة والتي تهدف إلى الربح قد أنشئت على أيدي متطوعين ولكن تكمن المشكلة دائما فى التمويل هناك أفكار لمشاريع تقنية رائعة ولكن للأسف ينقصها التمويل ، من الضروري أن نعلم أن التمويل يحتاج إلى إثبات فعالية المشروع وخدماته وتطويره فمن البديهي أن لا أستثمر فى مشروع نسبة نجاحه وإنتشاره 1% ومن الصعب أحيانا ان تجد تمويلا دون شروط مقيدة ومرهقة ولست هنا بصدد طرح الحلول ولكن يمكنني القول هنا مقولة لـ إرنست رذرفورد ” لا نملك المال ، لذا فعلينا أن نفكر ” لذا عليكم بالتفكير .