الخميس، 8 نوفمبر 2012

حارات وأزقة سامراء بين ذكريات الماضي . وآلام الحاضر . ومخاوف المستقبل


حارات وأزقة سامراء بين ذكريات الماضي . وآلام الحاضر . ومخاوف المستقبل
·      من مر إلى سامراء ووصل إلى مرقد الاماميبن العسكريين وسط المدينة القديمة هناك وتجول بالقرب منها فانه حتما سيرى الأسواق والحارات الشاخصة بآثارها التي أصبحت مع مرور الزمن أشبه بالأطلال  بسبب ظلم الطبيعة والبشر وهي تنظر إلى المارة وعينيها تصبو إليهم وكأنها تقول لهم حتى وان لم يسمع إحد صوتها فأنها صوت الماضي والحاضر والمستقبل وكنز الكنوز الذي لم يأتي بسهولة وهي تطلب ممن مر على أرضها إن يمشي رويدا خوفا من إن يؤذي هذه الأماكن الحية بألوانها وإشكالها حتى وان عبث بها العابثون.

جعفر العربي صاحب مكتبة لبيع الكتب في سوق المعتصم بدا وجهه شاحبا وهو ينظر إلى المارين في السوق واحدا تلو الآخر ويتذكر كيف كان السوق قبل أعوام ليس بالبعيدة عندما كانت أصوات دق القهوه ترتفع مع أصوات الباعة والمتجولين ورائحة الهيل تفوح مع البخور في سوق كل شبر فيه يحمل ذكرى وأموالا كانت تدرها المحال وتجار كانوا يعملون ليل نهار,كما يقول جعفر لكن اليوم ليس كل شي على ما يرام فكل شي تغير رجال امن ينتشرون أناس يرحلون ومحال مغلقه هذا ما آل إليه السوق

·     حواجز كونكريتية
وتعيش المنطقة أشبه بالحصار أو السجن كما يقول أبو احمد وهو احد سكان المنطقة وذالك بسبب الأبواب الحديدية والجدران الكونكريتية والعوارض حيث قطعت أوصال السوق ولم يعد بسهوله على الكثير من الناس الدخول والخروج منه واليه وذلك لدواعي أمنية حيث تنتشر الشرطة وتأخذ احتياطات أمنية لقرب السوق من الإمام علي الهادي عليه السلام كما إن الأبواب تغلق في وقت وتفتح في وقت ويتمنى أبو احمد إن تعود الحياة إلى السوق وان يعود الزائرين والسياح إلى التجوال في الأزقة والحارات القديمة كما كانت في السابق عندما كان يأتي الآلاف من زائري الأماميين ليجلسون معنا ويتجولون ويتبضعون الهدايا وكنا نستقبلهم بكل حفاوة وحب وأننا سنستقبلهم في كل وقت وزمان

·     تسمية السوق وتاريخه
وعندما تدخل إلى سوق المعتصم المعروف بسوق اليهود فستجد العديد من الرجال الكبار يجلسون في زوايا السوق يتبادلون أطراف الحديث عن المواضيع السياسية والحياة والأهل والعشائر وعندما تسألهم عن تاريخ السوق ونشأته فأنهم حتما يعرفون حتى ولو القليل فيقولون إن تاريخ السوق يعود إلى أكثر من 150 عام وكان مركزا للحجيج حيث يتجمع المؤمنون الذي يذهبون إلى الديار المقدسة فيه قبل أن يرتحلوا إلى مكة المكرمة وكان يعرف في ذلك الوقت بسوق الحجاج ويوم تلو يوم أصبح السوق مركز المدينة التجاري في ذلك الزمن حيث ينتشر أصحاب الحرف والنجارين والقماشين والبقالين وغيرهم من أصحاب المحال الكثيرة التي جعلته مركز جذب كبير ومع مرور الزمن جاء عدد من الأسر اليهودية إلى السوق وسكنت فيه وفتحت محال تجارية قبل أن يبيعوا ما لديهم ويرحلوا نحو القدس في القرن الماضي وبعد أن مر الزمن صار السوق وتغير ليجمع الحرفيين والرسامين ومحال بيع الهدايا والحاجات الأثرية والانتيكات إضافة إلى الكتب

·     أماكن شاخصة
ولا يخلو السوق من الأماكن الأثرية التي بقت لكن الزمن عبث فيها ولم يبقى منها سوى القليل فلمنازل القديمة لم يبقى منها سوى الجدران وبعض النقوش وغرف صغيرة والسقوف التي كانت تغطي السوق بأشكالها الهندسية لم يبقى منها سوى اثنين أما الشبابيك والتي تعرف في العراق بلشناشيل والأبواب الخشبية الضخمة فحالها حال السوق يائسة كان الزمن قد انتقم منها ويقول أبو خالد صاحب إحدى المنازل القديمة انه اضطر إلى ترميمها وأضيفت غرف أخرى إلى المنزل ليسكن فيه هو وعائلته في السابق أما الآن فهو حزين لأنه يفكر في بيع المنزل والرحيل إلى مكان آخر وذلك بسبب قدم المكان وعدم الاعتناء به أو المحافظة عليه من قبل الجهات المختصة مما جعله ينهار شيء فشيء ولم يعد أبو خالد قادرا على
الصمود أكثر في المنزل فكل شيء أصبح صعب عليه الدخول والخروج وغيرها من معوقات عليه وعلى ضيوفه

·     حلم الحماية
توقع الكثيرين من سكان سامراء ومعهم المهتمين بالآثار وأساتذة التأريخ أن يكون قرار إعلان سامراء إحدى محميات اليونسكو أي تكون ضمن قائمة المدن التاريخية الإسلامية أن المدينة سيتغير حالها من حال إلى حال حيث سيكون العمل والتأهيل والاستثمار واستقطاب السياح وفتح المرافق السياحية ويقول الأستاذ المساعد الدكتور قاسم حسن عباس أستاذ التاريخ في كلية التربية في سامراء إننا كنا نتأمل بل وطرنا فرحا عندما سمعنا بخبر إن سامراء ستكون على قائمة اليونسكو وإنها تحت قانون الرعاية العالمية ضمن التراث الإسلامي لكن لم يحدث أي شي يدل على التغير وكان للأسف حبرا على ورق ولم نجد أي فعل يثبت أو يضع هذا القرار حيز التنفيذ واليوم تتعرض المدينة لإزالة تراثها الفلكلوري المتمثل بحاراتها وشوارعها وأزقتها والتي مازال معظمها على تراثها القديم

·     محمية بلا حماية
  ويقول الدكتور قاسم أن سامراء تعد اكبر المدن التاريخية في العالم الإسلامي    لأننا لم نشهد في المدن التاريخية الكبرى بقايا شاخصة مثل سامراء
وأضاف إن سامراء التي كانت توضع في السابق على قائمة التشريفات لزيارة المسئولين للبلد حيث وصل مودي بي رئيس جمهورية مالي مع عبد السلام عارف آنذاك وكما وصل إلى سامراء نجم الدين اربي كان رئيس وزراء تركيا سابقا وجاك شيراك الرئيس الفرنسي السابق عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء وطلب من حاشيته تركه وهو على قمة مئذنة الملوية المعروفة لينظر إلى المدينة الجميلة من الأعلى كما زارها سامورا ماشيل رئيس جمهورية موزنبيق  إن الكثير يزورون سامراء من الشخصيات المهمة من اجل زيارة الإمامين والآثار لكن الآن لا نشاهد في  آثار المدينة سوى الإهمال وتعرضها إلى عوامل التعرية الطبيعية ولعدوان بعض الناس الذين يعيشون على هذه المهنة كما ان المدينة لم تعد مثل السابق فلا اهتمام ولا اعتناء وهذا مخالف للفض محمية

·     أمل بتغير
كما وأشار الدكتور قاسم أن أملنا كبير جدا بان تتم رعاية هذه المدينة الكبيرة والكبرى والتي تمتد إلى عصور سحيقة في التاريخ من اجل تطويرها للاستفادة منها لتدر أموالا للبلد لان سامراء مدينة زاخرة لكثير من مراكز الجذب الديني لوجود الإمامين العسكريين وما يمثله للسنة والشيعة إضافة إلى آثار المدينة الجاذبة التي يمكن أن تكون في وقت من الأوقات عنصر كسب للمدينة ولأهلها

·     صرخة أخيرة
وآخر ما نتمناه أن تكون هناك حملة دولية من اجل تطوير هذه الأزقة والحارات والآثار مثل ما موجود في الدول المجاورة وبالتعاون مع وزارة السياحة العراقية التي كنا نعول عليها الكثير ختم  الدكتور قاسم حسن كلامه لان الآثار في المدينة لن تبقى صامدة كثيرا بوجه الرياح العاتية .
تعليقات ديسكس

0 التعليقات